قراءة تحليلية مبسطة في ضوء القانون التنظيمي الجديد 97.15
الإضراب في المغرب يثير الكثير من النقاشات. هذا بسبب عدم وجود قانون واضح يحدده. المادة 29 من دستور المملكة تنص على أن الإضراب حق مضمون. لكن، لم يتم تحديد شروطه وكيفيات ممارسته حتى الآن. هذا التغيير جاء مع قانون جديد رقم 97.15، صدر في 24 مارس 2025.
هدف هذه المقالة هو شرح هذا القانون بسهولة. نريد أن نفهم خلفياته، مضامينه، وأبعاده القانونية والاجتماعية. نهدف إلى تقديم معلومات واضحة لفهم هذا القانون.
I: السياق الدستوري والتشريعي لهذا القانون:
دستور 2011 يؤكد على أن الإضراب حق مضمون كما هو مذكور بالفصل 29. يحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته. هذا يضمن احترام الحريات النقابية والحقوق الاجتماعية.
يهدف هذا القانون 97.15 إلى تحديد الإطار القانوني للإضراب بحيث يستند إلى مبادئ الدستور المغربي واتفاقيات منظمة العمل الدولية.
II: مفهوم الإضراب ومجالات تطبيقه:
يُعرّف القانون الجديد في مادته 2 الإضراب يقول: "توقف مؤقت عن العمل، كليًا أو جزئيًا، من قبل مجموعة من العمال. هذا التوقف للدفاع عن حقوقهم أو مصالحهم المهنية، الاقتصادية، أو الاجتماعية".
يشمل هذا التعريف على ما يلي:
-
العمال في القطاعين العام والخاص.
-
المهنيين المستقلين.
-
العاملات والعمال المنزليين.
-
المستخدمين والعون المتعاقدين.
يتم تطبيق القانون على المؤسسات العمومية والمقاولات الخاصة. كما يشمل المرافق الحيوية، مع بعض الاستثناءات.
III: المبادئ المؤطرة لحق الإضراب
يستند القانون إلى مبادئ أساسية أذكر منها ما يلي:
-
ضمان حرية العمل.
-
عدم التمييز في المعاملة بسبب ممارسة الإضراب.
-
تكريس الحريات النقابية.
-
احترام القوانين المنظمة لعلاقات الشغل.
-
استمرارية المرافق العمومية.
-
حماية الصحة والسلامة المهنية.
-
تشجيع الحوار والتفاوض الجماعي.
هذه المبادئ تسعى لتوازن بين حق الأجراء في التعبير عن مطالبهم. وتسعى أيضاً للحفاظ على النظام العام والمصلحة الاقتصادية.
IV: شروط الدعوة إلى الإضراب
حدد القانون 97.15 شروطًا دقيقة للدعوة إلى الإضراب. تختلف هذه الشروط حسب الجهة والمجال الذي سينظمه
-
في القطاع العام: يمكن للدعوة للإضراب فقط للنقابات الوطنية.
-
في المقاولات الخاصة: يمكن للدعوة من:
-
نقابة تمثيلية داخل المؤسسة.
-
أو لجنة إضراب من عمال، إذا لم يكن هناك نقابة.
-
يجب أن يحضر حسب القانون 35% على الأقل من الأجراء في اجتماع عام. ويجب أن يوقع 25% على الأقل منهم على محضر رسمي.
V: المسطرة القانونية للإضراب
قبل الإضراب، يجب اتباع مسطرة محددة تشمل المراحل الاتية:
-
مرحلة التفاوض:
-
في حالة وجود مطالب: يجب الانتظار 15 إلى 45 يومًا. هذا يسمح بالتفاوض.
-
في حالة خطر على السلامة: يمكن الإضراب فورًا بعد إثبات الخطر.
-
-
مرحلة الإشعار بالإضراب:
-
يجب إبلاغ السلطات قبل 5 إلى 7 أيام.
-
يجب تحديد تاريخ بداية ونهاية الإضراب. يجب أيضًا ذكر سبب الدعوة ومكانها.
-
-
الوثائق المصاحبة:
-
نسخة من الملف المطلبي.
-
نسخة من المحضر العام (إذا كان الإضراب من لجنة).
-
إثبات وجود خطر في حالة الضرورة.
-
VI: الحد الأدنى من الخدمة في المرافق الحيوية
يجب أن يكون هناك حد أدنى من الخدمة في القطاعات الهامة مثل:
-
الصحة.
-
العدالة.
-
الأمن.
-
النقل.
-
الاتصالات.
-
الماء والكهرباء.
-
الأدوية والمواد الطبية.
هذا لضمان حماية المواطنين ووضع حد للخطر. يمكن للقضاء أن يتدخل لتحديد من يجب أن يعمل في هذه القطاعات.
VII: حماية حقوق المضربين
من بين أهم المضامين التي يضمنها القانون للمضربين هو:
-
لا يمكن معاقبة العامل بسبب إضرابه.
-
من غير المسموح إحلال العمال المضربين بأخرين.
-
لا يمكن إغلاق المؤسسة إلا بالحكم القضائي.
هذه القواعد تساعد في حماية المضربين من التأديب أو الانتقام من اجل استرجاع الحق او الحل له.
VIII: العقوبات في حالة المخالفات
القانون يحدد العقوبات للقواعد التي لا تُحترم، مثل:
-
غرامات تصل إلى 200.000 درهم لمن يحل محل العمال دون إذن.
-
عقوبات لمن يعرقل العمل أو يضر بالممتلكات.
-
مضاعفة الغرامات في حالات التكرار.
IX: الاستثناءات من ممارسة الإضراب
يُمنع ممارسة الإضراب على بعض الفئات مثل:
-
القوات المسلحة.
-
الشرطة.
-
رجال السلطة.
-
موظفي وزارة الخارجية.
-
الأشخاص الذين تمنعهم قوانينهم الخاصة من العمل النقابي.
قانون التنظيم 97.15 يعتبر خطوة مهمة نحو تنظيم العمل في المغرب بشكل أكثر عدلاً. هذا القانون يملأ الفراغ التشريعي في قانون الإضراب. يضع آليات واضحة لممارسته، مما يعزز الثقة بين الأجراء وأرباب العمل والدولة.
لكن نجاح هذا القانون يعتمد على عدة مساهمات من بينها:
-
حسن تطبيقه على أرض الواقع.
-
احترام كافة الأطراف للمساطر القانونية.
-
تشجيع الحوار الاجتماعي بدل اللجوء إلى الإضرابات المتكررة.
في النهاية، الغرض من القانون ليس الحد من الإضراب. بل تنظيمه لضمان العدالة وحماية الحقوق. ويهدف إلى صون مصلحة الجميع.